أســـامـــة حــمـامـــة

W E L C O M E
لفت وشاحا قطنيا حول عنقها لتخفي آثار لدغات الحب؛ ثم وضعت مستعجلة بعض العطر الذي أهداها زبون الليلة الماضية، هرعت نحو الباب وما كادت تفتحه، حتى توقفت وعادت بضع خطوات لتتفقد نفسها في المرآة.. آه، كادت هذه المرة أن تنسى أحمر الشفاه! كيف ستخرج بدونه وهي التي لطالما تحرجت من لقاء الناس بشفتيها الصغيرتين، كان أحمر الشفاه يعطيهما بعض الحجم، فلم تخرج يوما إلا واضعة إياه، وذاك منذ تعرفت على التجميل ولوازمه أيام الإعدادي.

أضحى حلمها أن تجري عملية جراحية تكبر بها شفتيها وأعضاء أخرى كي تزداد قيمتها في السوق، كانت تدرك تماما قوانين اللعبة، فقد ساعدتها فترة دراستها في المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالجديدة في ترتيب عملها كـ"مرافقة"، لكنها طُردت قبل اكتمال مشوارها الدراسي بسبب كثرة الغياب وسمعتها "الطيبة" التي تسبقها دائما.

لم تنل مغادرة صفوف الدراسة من عزيمتها شيئا، استغلت "علاقاتها المهنية" القوية لتتدبر عملا في فندق راق بمنطقة (مازاغان) المجاورة، وسرعان ما تدرجت بفضل "خبرتها في المجال" لتصبح مشرفة على شؤون المكان.



#قصة_قصيرة
#فكرة_هامشية

ما ترك الحُبُّ فينَا، غنيّا ولا مسكيناً
الحُبُّ للقلب سِجنً، فاسألِ المساجينَ
سَلْ عنِ الشوقِّ كيفَ، أرْدَاهُم مجانيناً
وقوتاً ما زارَ جَوْفَ، فريقِ العاشقينَ
ودمعاً جرى سوفَ، يُطيقُ السّاهرينَ
يقضون الليل خوفاً، منْ فَقْدِ الخِلِّ حيناً
وحيناً مِنَ الحنينِ، صاروا مُلحِّنِينَ
رنِمُوا بالأنينِ، كَنَايَاتٍ حزينةً
وأَلِمُوا سِنيناً، للعشقِ مُلامسينَ
فحلَفُوا يميناً، تالله ما نسينَا
أنَّ الهوى حقًّا، كان ميماً وسيناً
سَحَقَنا سَحْقاً، فَمَنْ يواسينَا؟

______ أسامة حمامة





يقول مثل شعبي شهير "زوّق تبيع"، وفي عالمنا الرأسمالي القذر ومجتمعنا السطحي الذي تحكمه المظاهر بامتياز، يبقى الهندام ذلك "الغلاف الخارجي" الذي تقابل به -أنت أيها الإنسان الأناني المتعجرف- الناس في محيطك وتبيعهم عن طريقه صورة مشرقة لك، قد تكون في الواقع مختلفة تماما عمّا أنت عليه حقا -أيها الوغد الانتهازي الحقير عديم الأخلاق-.
ثم إن اهتمام الأفراد باللباس تفاقَم ليأخذ منحى سلبيا جدا من خلال العناية المبالغ فيها ليس فقط بتفاصيل وتناسق ما يرتدونه من قطع الثوب، بل بتبذيرهم الكثير من المال على شراء الماركات الأصلية الغالية بحثا عن إحساس زائف بالرقي و"الفخامة" (وليس بالضرورة عن الراحة أو الجودة)، وأملا في جذب الانتباه عندما يفشلون في فعل ذلك بشخصياتهم الرخوة المبتذلة التافهة، يشترون تلك الألبسة والأكسسوارات باهضة الثمن كي يقال عنهم مسايرون للموضة، حتى أن العديد منهم يستمد تقديره للذات من إدراك القيمة المادية لما يضع فوق بدنه من ثياب، وإن كان ما يرتديه قبيحا للغاية من الناحية البصرية، فالمهم عند هؤلاء تعويض الشعور بالنقص النفسي/المعرفي الحاد من خلال الإقبال المهول على الماديات.
وتجد أحيانا أن على عاتق العديد منهم التزامات مادية عالقة واحتياجات أساسية متنوعة لم يقوموا قط بتغطيتها، بل انصرفوا عنها إلى الكماليات والأمور الثانوية، ليحق عليهم المثلان القائلان: "ألمزوق من برا أش خبارك من الداخل" و "أش خاصك ألعريان، الخاتم أمولاي"، غير أن العري هاهُنا من نوع أخلاقي محض.


عندما يريد أن يحدثك بعض المغاربة عن الوسطية والاعتدال في الدين، يستشهدون بقولة مبتدعة عرفت طريقها إلى التجذر في الأوساط المجتمعية، وهي "شوية لربي، شوية لعبدو"؛ الترجمة الحرفية لهذه المقولة هو "قليل لله وقليل لعبده"، وأيا كانت نية الناطق بها، يبقى المعنى المحصل من قراءتها وتأوليها خاطئا ومتناقضا مع تشريعات الإسلام؛ وهذا لكونها تدعو إلى أن يعيش الإنسان حياته معتمدا مبدأ الفصل بين الشقين الديني والدنيوي كسكة القطار، خطان متوازيان ممتدان على طول الطريق جنبا إلى جنب دون أن يلتقيا أبدا، هذه القطيعة تتنافى مع توصيات ديننا الحنيف، لأن الديني والدنيوي فيها يشكلان أجزاء متكاملة ومتداخلة، بل الحقيقة أن الدين يجب أن يكون غالبا تماما على حياة الأفراد في حركاتهم وسكناتهم، لماذا وكيف ذلك؟ لأن الإسلام منهاج حياة شامل جاءت تعليماته وضوابطه في شطرين، أحدهما يتعلق بالعبادات (تنظيم علاقة الإنسان بخالقه عز وجل) والآخر يتعلق بالمعاملات ( تنظيم علاقة الإنسان بغيره من الخلق وبمحيطه ككل)، وهذا لا يتأتى إلا باستحضار وجود الله عز وجل في كل المواقف والأماكن، وعكس ما يعتقده البعض، تبني هذا الأمر لا يقوض أبدا سعي المؤمن في الدنيا ولا يحد البتة من طموحه، إنما يصوب مساره ويقومه ويجعله شخصا مسؤولا تتوافق تصرفاته مع توصيات ومقاصد الدين، هذا الأخير يحض في مجمله على الاستقامة والأخلاق الكريمة التي تساهم العبادات في شحذها وترسيخها في نفسية المؤمن لتتجسد في أفعاله، وبهذا يحدث التكامل المشار إليه سلفا، فعندما تكون النتيجة المرجوة واحدة والوسائل إلى تحقيقها متعددة، يأتي الدين ليساعدنا في اختيار السبيل الطيبة الخيرة التي ستوصلنها إليها، فلنأخذ مثلا شخصا يصبو إلى النجاح في الدراسة أو العمل؛ في غياب القيم والشمائل السمحة، سيكون من السهل عليه شق الطريق نحو هدفه دون تردد باستخدام أساليب الغش والمكر والخديعة والكذب...، لكنه في حال تشبَّثَ بالدين من خلال الامتثال لأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه، فلن يقدم أبدا على ارتكاب معصية مماثلة حتى لو كلّفه ذلك عدم بلوغ غايته، لأن الغاية مهما بدت في ظاهرها حميدة (النجاح)، تصبح لاغية لِما يكتنف مسار تنفيذها من فساد وأضرار وآثار سلبية، كالذي يتصدق من مال أصله حرام، فِعلُ الصدقة جيد لكنه جاء نتيجة فِعلٍ سيء،... والتي تعمل في الدعارة لتعيل أسرتها، جميل أن تعتني بأهل بيتك، لكن بجلب لقمة حلال،... المهم، أعتقد أنكم فهمتم قصدي الآن؛ عندما يقوم المسلم بالإخلاص في العبادة بنية صادقة بعيدا عن الرياء والنفاق وتزكية النفس، فسينعكس ذلك حتما بشكل إيجابي على كينونته وسعيه في هذه الحياة الفانية دون تفريط أو إفراط؛.. ثم إن علينا التفقه في ديننا وعقيدتنا لأننا أولى بفعل ذلك، وهو أمر واجب على كل من يعتنق الإسلام، كيفما كان مستواه العلمي أو الاجتماعي، المعلومة الدينية متوفرة للسائل عنها، فالمفروض المبادرة للبحث والتمحيص عوض الاكتفاء باستهلاك أول ما يصادفنا أو ما يناسب أهواءنا، هناك أشياء لا يعذر المسلم بجهله إياها، ومن استحل اتباع "دينٍ على المقاس" فقد زاغ وظلم نفسه.
والله أعلم.
جئتك يا ولدي بهذا الشريط
فيه رسالتي للشخص البسيط


ذاك الودود الحسن الوسيط
يعيف الهموم وكثرة التخطيط


قنوعاً يعيش فقالوا عبيط
دارهُ قصبٌ وبعض السميط


هو أستاذ سمحّ نشيط
يذر الصفر عند التنقيط


أجيرٌ أدرك نية التوريط
لدى الأبناك بقروض التقسيط


صياد يخوض أمواج المحيط
ينشر الشراع والشباكَ يخيط


خضّارٌ يجولُ غضَباً يستشيط
على ميزانٍ سلبهُ مخزنيًّ سليط


هو شاب أتقن فن التبليط
وأذى الطريقِ دوماً يميط


أمعنت في المدح لكم التمطيط
فلجوا نادي الزاهدين بلا تفريط


___ أسامة حمامة

 "عن الاقتراع" | (نشرت لأول مرة يوم 7 شتنبر 2021)

طرق بابي زمرةُ شبابِ
قالوا نحن خيرة الأحزابِ
إذا بلغنا مجلس النوّابِ
عمّ الخير وسط الأحبابِ
عاينتهم طويلاً لا أخفي استغرابِي
وسألت سؤال الشخص المرتابِ
ما تريدون الآن يا أصحابِي؟
اختصروا فضلاً، لا تحرقوا أعصابِي
إنّ الإيجاز من محكم الآدابِ!
جاءني أحدهم عجولاً بالجوابِ
وفمه يكاد يسيل باللّعابِ
قال اسمي عبد الوهابِ
وإني أراك من أولي الألبابِ
فهيا معنا وخذ بالأسبابِ
لنهضة مأمولة وعيشٍ لُبابِ
صوّت علينا يوم الانتخابِ
بعلامة فوق رمز الكتابِ
صروح ستبنى مكان الخرابِ
وللصغار طبعا ساحة ألعابِ
أمن دائم في استتبابِ
وزيادة في منحة الطلابِ
مصحات لعلاج المصابِ
ونقل يسير لكل الركّابِ
فرص شغل في شتى الأقطابِ
ستغدو من عاطلٍ إلى كسّابِ
وللنساءِ حليُّ زريابِ
إذا عزمن نزع الحجابِ
وعطايا أُخرٌ بتركِ الجلبابِ
والخروجِ جهرةً بأخف الأثوابِ
للزانية منهن حق الإنجابِ
والأرض لها نفرش بالزرابِي
لا درهم يهدر دون حسابِ
وللسارق النصّابِ أشدُّ العذاب
ندعم المُرابي ومدمن الشّرابِ
وحتى المصلي في قبة المحرابِ
قلت كفاك مجانبة للصّوابِ
وتحليقا بالناس فوق السّحابِ
وُعُود الأمس تعود من كذّابِ
ونفاقٌ ألِفناه من قطيع ذئابِ
صدّقنا الوهم في قالبٍ جذّابِ
كظمئٍ رأى الماء في السرابِ
جازت في حقكم أقبح الألقابِ
فارحلوا عني يا أشباه الكلابِ
قبل أن أفور بالشتم والسِّبابِ
فمضوا بعيدا منحنيي الرقابِ
____ أسامة حمامة
(الطبيعة الهمجية) عند كثير من سكان القرى والبوادي والأرياف تعد من بين الأسباب المباشرة وراء مظاهر السوقية والسلوكات المشينة التي نراها مرارا وتكرارا في الحواضر، وأنا لا أقول بأن سكان المدن لا يتحملون جزءا مما نراه من تلك التصرفات، لكن ارتباطها بالقرية وأنماط التربية المعتمدة فيها يبقى نقطة محورية لا يمكن غض الطرف عنها، وسأحاول في ما يلي من أسطر تفسير هذه العلاقة، بما تيسر من أفكار طبعا.

أود أن أشير بداية إلى أن الهجرة القروية نحو المدن تكون لدواعي شتى، وفئات سكان البوادي المرتحلة صوب الحواضر يطبعها تنوع كبير، سأختصره في الصور الأكثر رواجا، لدينا في هذا الصدد مثلا، ذاك الذي انتقل في سن الشباب إلى المدينة بحثا عن عمل، فاختار العيش في الصفيح مؤقتا حتى تتحسن أحواله، فإن لم تتحسن، بقي في الصفيح وسلك "طرقا أخرى" لجني المال، أملا في إشباع بطنه وضمان بقائه في المدينة على الأقل إلى حين، وحتّى لا يضطر للعودة إلى القرية الأم فيقال عنه فاشل وأقرانه الذين غادروا قديما إلى المدينة أفضل منه، ثم قد يحلو له المقام لاحقا ويتزوج وينجب في تلك "البراكة"، ويأتي بعدها بقبيلته كلها، خصوصا إذا سمع بصرف مساعدات لسكان دور الصفيح،.. وهناك نموذج الفلاح الميسور الذي باع أرضه أو جزءا منها ليستقر في المدينة، مع زيارته المنتظمة للبادية طلبا للارتواء من عبقها عند الحاجة، وهناك من غادر مضطرا عند مرور طريق -سيارة- أو بناء مشروع في أرضه، فإما يرحل لقرية أخرى أو يتجه نحو المدينة ويبني منزلا أو يشتري شقة، وقد يطلق مشروعا صغيرا إذا كان التعويض الذي حصل عليه مهما،..

على العموم، النقطة المشتركة بين ثلة من هؤلاء، ليست فقط في كونهم منحدرين من البادية، بل في شعورهم القوي بعدم القدرة على الاندماج في بيئة جديدة، -رغم اختلاف مستوياتهم الاجتماعية كقرويين، فوفرة المال لا يعني بالضرورة توفر التربية الحسنة- ، والأصح هنا أن أستدرك فأقول "عدم رغبتهم المسبقة في التكيّف" بدلا عن "عدم القدرة"، لتكون نتيجة هذا الشعور حالةً مزمنةً من السلبية والتقوقع على النفس ومعاداة الآخر "قاطن الحاضرة" Urban citizen، لأنه بالنسبة لهم ذلك الشخص العنصري المضطهد الذي يهضم حقوقهم ويهمشهم، بيد أنهم في الحقيقة من اختاروا التمركز في "الأحياء الهامشية"، بل هم من بناها أساسا. تتطور لديهم تدريجيا فكرة "أنا ضحية" التي تتغذى على الإحساس بالنقص والغربة، فيندفعون بعقلية انتقامية إلى استباحة كل ما يقع في مرماهم، لأنه حسب ظنهم "حق مشروع لا يقبل النقاش"، ستجدهم يسرقون الكهرباء من أعمدة الطاقة، يبذرون ماء السقايات التي تنصب بالمستوطنة المسماة "كاريان" التي يسكنونها، يركبون حافلات النقل دون أداء ثمن التذكرة ويزعجون من فيها، ينهبون ويقطعون الطريق على الناس،.. وغالبا ما تلجأ شريحة عريضة من "سكان المدن" إلى نهج نفس السلوك على المدى البعيد كردة فعل دفاعية، وهنا تكمن الطامة الكبرى، حيث تدخل سمة "الهمجية" في عملية التنشئة لدى أسر تنتسب للمدينة منذ عقود وعاشت أجيال منها في الحواضر دون مشاكل، لكن المد الهائل والضرر البالغ للهجرة القروية بكل ما تجلبه معها من حمولة ثقافية وأخلاقية متردية وغريبة عن أهل المدينة، جعلت "الأسر المدنية" تتأثر بشكل عميق وتتبنى بالتالي في أنماط التربية التي تعتمدها، كثيرا من "العادات المتخلفة" للمتوافدين من سكان القرية، حتى أصبحنا لا نستطيع التمييز حاليا بين ساكن المدينة والقرية نظرا للتشابه الكبير الحاصل بين طباع الاثنين.

واقع الحال أن القرويين ألفوا العيش في وسط تكون فيه الطبيعة امتدادا لفضائهم الخاص، حيث يرافقهم الشعور بحق ممارسة جملة من الأنشطة في ذلك الفضاء وحتى على مستوى الأسرة الصغيرة، هذا الشعور اللصيق بالأحقية يلازمهم عند انتقالهم إلى مكان جديد كالمدينة، حيث شروط الحركة والتفاعل مع الناس والفضاء الخارجي مختلفة تماما، لذلك نجدهم غير واعين أبدا بفكرة "الفضاء العام" فينتهكون حرمته بمنتهى "الحرية"، ظانين أنهم يمارسون حقهم الطبيعي، فهناك من يقضي حاجته بفخر على الأسوار أو جدران البنايات، ومن يرمي الأزبال على الأرض لأن الأمر برمته شيء بديهي تربى على فعله في القرية، ربما لدوافع حميدة أحيانا، كاستعماله لفتات الأكل وقشور الخضار علفا للماشية أو سمادا للأرض، لكن الوضع مختلف في المدينة، فآنذاك يصبح فعل مشابه "تلويثا" و "سلوكا غير متحضر".

ينادون ويحدثون بعضهم من بعيد بصوت مرتفع، أطفالهم في الشارع ليل نهار يتقاذفون العبارات النابية، يسيرون حفاة أغلب الوقت، يتركون المنزل للجلوس والتسامر في ناصية الزقاق، يكنسون بقايا القمامة من أمام أبواب منازلهم لتصبح أمام دار شخص آخر دون اكتراث، المهم ألا تكون قربهم، يدخلون بيوت بعضهم دون استئذان، ينجزون أشغال الإصلاح ليلا دون أي احترام للجيران، تخرج نساؤهم شبه عاريات للتسوق أو تنظيف عتبة المنزل، والمضحك حركة تقوم بها بعضهن عندما تجد إحداهن ترتدي جلبابها وتلف قطعة قماش حول رأسها أثناء مشيها إلى البقال بملابس النوم، وتكون قد قطعت نصف الطريق قبل أن يكتمل ارتداؤها للملابس، بعضهن ينفضن الزرابي المليئة بالغبار من نافذة أو شرفة علوية لتصير الأجواء مغبرة بالكامل،.. يتفشى لديهم العنف الأسري، استهلاك المخدرات بحثا عن شعور مفقود بتقدير الذات أو محاولة لإلهائها عن واقعها المرّ،.. يقدمون على النصب والاحتيال، السرقة والكذب، ويشتهرون بـ (حمية الجاهلية الأولى): "أنا وابن عمي ضد الغريب". يذكرني هذا بفئة من المغاربة اللاجئين في أوروبا، وبنفر من القاطنين هناك بشكل رسمي، ينغلقون على أنفسهم ويرفضون الاندماج ولو قليلا في المجتمع الغربي، ولا حتّى من باب المواطنة الصالحة. بالمقابل، يسعون بشكل دائم إلى فرض أسلوب عيشهم "الوسخ"، ثم يشتكون من "نبذ الساكنة المحلية لهم"؟ !

قد لا يستوعب كثير من هؤلاء ما هم فاعلون، وقد لا يرون تصرفاتهم معيبة، ثم قد لا يكون هناك سبيل لإصلاحها، لأنها تمثل لهم إرثا مقدسا مما ألفوا عليه آباءهم وأمهاتهم، "من شب على شيء شاب عليه"... ولا أخفيكم علما أن برامج تلفزة واقع ودراما من قبيل "قصة الناس" و"وجع التراب"، تجعل المرء يفكر جديا في حلول ناجعة كفيلة بإبطاء التناسل لديهم، ريثما يعود التوازن لمنظومة القيم في المجتمع،-أمزح-. من جهة أخرى، سيكون من الجيد الدفع قدما بالأوراش الاجتماعية والمبادرات التنموية التي تهيئ لهؤلاء فرصا للعمل بكرامة قرب أماكن إقامتهم دون التنقل إلى مناطق أخرى يعيثون فيها فسادا، ويلزم أكيدا أن توازيها جهود حثيثة للنهوض بالتربية على المواطنة والتحضر في الوسط القروي -حتى يعرف العازمون على الهجرة ما ينتظرهم-. ختاما، في إطار فك اللبس ودرء أي سوء تأويل محتمل، لا يفوتني أن أسطر بخط عريض –وغليظ- على أن المعنيين بأطروحتي البسيطة هذه ينتمون لصنف معين من "أبناء القرية" دون تعميم، ونحن هنا لم ننتقص أبدا من القرية، ولا ننكر أنها لطالما أنجبت لنا النبغاء والعلماء وجادت علينا بالصالحين الطيبين،.. لكن كشف خبايا الجانب المظلم أو "المحرِج" لموضوع معين يبقى أكثر إغراء من الاكتفاء بإعادة سرد ما يراه العيان تحت ضوء النهار. ولا أستثني، لأكون منصفا، كون سكان المدينة "بْخبيزتهوم" أيضا، وذاك حديث ذو شجون سأفرد له تدوينة في المستقبل بإذن الله.

 أسامة حمامة

#فكرة_هامشية
Previous PostOlder Posts Home
Featured
Videos