أســـامـــة حــمـامـــة

W E L C O M E

عن المقاهي في المغرب

Leave a Comment


قد يكون ارتياد المقاهي، خصوصا الشعبية منها، أيسر السبل للإصابة بأمراض الصدر، لكن ذلك لا ينفي لعبها أدوارا ثانوية، ستضطر البعض لغض الطرف عن الدخان والجلوس رفقة كأس أو فنجان.


يتردد عديد الطلبة على المقاهي خلال فترة الامتحانات أو إنجاز بحوث التخرج، إما للمذاكرة الجماعية بصحبة زملاء الدراسة، أو لإيجاد بيئة مناسبة للاشتغال، لا تكون بالضرورة هادئة، فكثيرون لا يجيدون التركيز إلا في جو صاخب نسبيا، كما أن حضور الوايفاي مشجع جدا لمن ليس يمتلك خط إنترنت منزلي.


من جهة أخرى، تعتبر المقاهي لدى كثير من الناس، أمكنة فضلى لعقد لقاءات العمل وصنوف من الصفقات السريعة. في هذا السياق، يمكن إدراج بعض الأنشطة التجارية المشبوهة، كبيع المخدرات والسلع المسروقة والدعارة.


أما المتقاعدون ومحبو القمار، فقد حولوا بعض المقاهي إلى فضاءات حصرية للعب الورق والداما واللودو...، وتلفى بعضهم في وسط الجلبة عاكفين على تعبئة أوراق رهانات الخيول وأنواع أخرى من اليانصيب.


المقاهي أيضا قبلة لعشاق كرة القدم ممن يرجون مشاهدة المباريات في محيط لا يقل حماسة عن مدرجات الملاعب، هناك فقط يستطيعون الصياح وكيل السباب للاعبين دون تحرج.


لا ننكر أن ثلة من المقاهي انسلخت عن الفكرة المبتذلة للترفيه، فبعيدا عن تلك التي تعرض الأفلام للزبناء الليليين والتي توفر صالات لطاولات البلياردو والبايبي فوت وألعاب السيجا...، هناك مقاهي - أقل شعبية - توجهت صوب التنشيط الثقافي، باستضافتها لأمسيات أدبية أو فرق موسيقية أو حصص كاريوكي أو عروض كوميدية...، لكنها تبقى نموذجا نادرا.


في المقابل، "مقاهي النخبة" في المغرب، لا تقدم إلزاميا خدمات حصرية أو هندسة داخلية مبهرة، فإن استثنينا فرضية الموقع الجغرافي الجيد، ما يميزها بالأساس تعدد خيارات قائمة الطعام وغلاء الأثمنة، الأمر الذي يجعلها في معظم الأحيان حكرا على الميسورين ماديا والعشاق الشباب الذين يفتشون عن "مكان نظيف" يصرفون فيه ما ادخروا خلال الأسبوع.


بالموازاة، مجموعة من المقاهي تعرف بكونها مرتعا لرجال المخابرات، وربما بدأت هذه القصة منذ عهد الحماية، حيث كان يجلس مخبرو المستعمر الفرنسي في المقاهي لرصد تحركات عناصر الحركة الوطنية آنذاك وجس نبض الشارع، وغالبا ما كانت تتم العملية بتواطؤ مع صاحب المقهى والنادل، قبل أن تنتقل العدوى إلى المخزن وينشر رجاله لرصد المعارضين وغيرهم. هؤلاء المخبرون ليسوا متنكرين دائما، بل هم وجوه مألوفة كالمقدمين والقياد.


على العموم، يبقى الذهاب إلى المقاهي ممارسة كلاسيكية تختلف درجتها حسب كل شخص، ومهما تجنب المرء فعل ذلك، سيجد نفسه مجبرا في أحد الأيام لسبب معين، مهما بدا سخيفا، كمحاولة قتل الوقت في انتظار وصول الحافلة أو القطار، أو مقابلة ميكانيكي ماهر في تغيير قطع الغيار.


Next PostNewer Post Previous PostOlder Post Home

0 comments:

Post a Comment

Featured
Videos