أســـامـــة حــمـامـــة

W E L C O M E

فلنُعلم قلوبنا

Leave a Comment
الانغماس في التحصيل الأكاديمي يكون له أحيانا تأثير سلبي مباشر على مقاربة بعض الأفراد للعلاقات الاجتماعية، لا سيما المنكبين على حقول العلوم الشكلية، حيث يتغير تصورهم لشروط نجاح العلاقات الإنسانية من منطق النسبية إلى منطق الحتمية، فلا يتحرجون في تطبيق معايير إلزامية موحدة على محيطهم الاجتماعي، إيقانا منهم أن الحياة الاجتماعية يمكن إخضاعها أيضا للمعادلات الرياضية، وأن تحقيق النتيجة المرجوة رهين بتوفر جميع أركان المعادلة التي يضعونها، فإن كان من يطلب ودهم منقوصا من إحدى أركان تلك المعادلة، سارعوا إلى اقصائه من "لائحة الخيارات المتاحة".

إن النهج البراغماتي الذي يتبناه هؤلاء الأفراد في تعاملهم مع الناس عموما، وشركائهم العاطفيين خصوصا -هذا إن وجدوا شريكا يقبل كيانهم المريض-، سيفضي إلى تطوير كائن بشري دوغمائي، يرمق الآخر المختلف أو الأقل حظوة علمية بنظرة دونية، ويعيش في قوقعة من التعالي المنافي لما يجب أن يكون عليه سلوك إنسان سوي متفقه في العلم؛ هذا يعيدنا إلى نقطة البداية، لأن فعل الانغماس في الكسب المعرفي لم يصاحبه اهتمام مماثل بتنمية الذات والروح، والاعتناء بالأخلاق، التي تُعد في نهاية المطاف المحدد الرئيس لطرق تسخيرنا للمدارك العلمية، وهي كذلك من يمنع الموت البطيء لجانبنا الإنساني، بتلافي الوقوع في خطأ إسقاط قواعد الحسابات الثابتة على معاملاتنا الشخصية.

لا يفوتني هنا أن أذكر بقولة أرسطو: "تعليم العقل دون تعليم القلب ليس تعليماً على الإطلاق"، فلنُعلم قلوبنا.

Next PostNewer Post Previous PostOlder Post Home

0 comments:

Post a Comment

Featured
Videos