أســـامـــة حــمـامـــة

W E L C O M E

القراءة بين الأمس واليوم

Leave a Comment


القراءة من الكتب وحدها طلبا للثقافة والمعرفة تصيّرك حبيس الورق الذي تنظر إليه، فلا أنت تستطيع البحث عن كلمات استوقفتك ومصطلحات لم تفهمها، ولا أنت تجد سبيلا للتحقق من معلومات ووقائع شككت فيها.

هذا الانحصار الشديد للمعلومات في صفحات الكتب يفوت على القارئ فرصة توسيع مداركه والإلمام بمواضيع قريبة تزيد فهمه للتيمة الرئيسة التي يقرأ عنها، ورغم ما سيبادر المدافعون عن فعل القراءة التقليدي إلى قوله غيرة ودفاعا عن الكتاب، من قبيل كونه أكثر راحة للعين وأقرب إلى المصداقية بفضل التحكيم والمراجعة، فهذا لا يقيه من عديد الشوائب والنواقص التي تجعله في نظري متجاوزا كوسيلة فضلى للتعلم أو معيار أساسي للجزم بالمستوى الثقافي والعلمي للشخص، إذا ما قارناه بنشاط القراءة الإلكترونية التي تفتح لصاحبها آفاقا تفاعلية واسعة تحوّل عملية الكسب المعرفي إلى متعة بالغة، فيها اختصار للجهد والوقت، لاسيما ونحن نعيش في عصر السرعة الذي أضحت مواكبة متغيراته رهينة بالبقاء مشبوكي الفضاء الرقمي.


الوفاء الدائم للقراءة الكلاسيكية يشبه الإصرار على استعمال هاتف قديم عوض هاتف ذكي، أو ركوب عربة خيول بدل سيارة حديثة، وهو انغلاق فكري وحكم غبي على النفس بالحرمان من اكتشاف دروب أنجع لتنمية العقل. ولكم أن تسألوا مثلا عمّن يجوز في حقه لقب "واسع الاطلاع": رجل مهندم جالس على المقهى أو في المكتب يلتهم جرائد ورقية محتواها تقادم قبل طباعته، بل أثناء كتابته، أو شاب يتابع الأخبار فور حدوثها عبر شاشة هاتفه؟ فتاة تتفقه في علم النفس على صفحات كتاب ورقي أو أخرى تدرس نفس المبحث في مقال إلكتروني مليء بالروابط التشعبية التي تحيل على مواد رديفة مع إمكانية التنقيب خارج المقال عن المفاهيم وغيرها؟...

لأكون منصفا، قراءة الكتب الورقية هي فعل تراثي له جماليته مادام لم يرقى عند فاعله لدرجة اعتباره ركيزة معرفية وحيدة (سوى في حالة عدم وجود غيرها)، لذا الأصح في رأيي أن يبقى هواية نوستالجية للاستجمام كإيقاد شمعة عوض إشعال مصباح كهربائي، أو السقاية عوض استعمال ماء الصنبور...

Next PostNewer Post Previous PostOlder Post Home

0 comments:

Post a Comment

Featured
Videos