يتحدثون عن فصل الدين عن السياسة، ووجوب عدم تدخل "رجال الدين" من أئمة وفقهاء في الشأن السياسي، لكن وعجباه! بالمقابل تجد الدولة تستغل كل وسيلة ومناسبة لتمرير خطاباتها السياسية تحت غطاء الدين، ويبدو ذلك جليا في خطب الجمعة والبرامج الدينية المبثوثة عبر موجات الراديو أو التلفاز، إلخ. هنا أصبحنا نعاين تحكم السياسة في الدين، عوض أن يكون العكس، لأن ديننا يصلح لكل زمان ومكان، وفيه من القواعد والتوصيات ما يكفل تأسيس دولة قوية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
الأدهى والأمر، أن الدولة لا تكتفي بالترويج لنفسها ودس أفكارها تحت مسمى الواجب الديني والفريضة الأخلاقية ...، بل تمادت إلى تشجيع تظاهرات وحركات دخيلة لا علاقة لها بالدين وبعيدة كل البعد عن جوهره، كتمويلها للـ"مواسم" التي تُنظّر للشرك وتلقنه، معتبرة إياها موروثا ثقافيا يجب الحفاظ عليه، فهذا ذبح لغير الله بالزوايا وتبرك بأضرحة الأولياء، ومراسم أخرى عجيبة، يكاد المرء يسترجع الأكل لرؤيتها ...
من جهة أخرى، تحاول الدولة جاهدة تلميع وإعلاء شأن ما يصطلح عليه بـ "التصوف" أو"الصوفية" وما تحويه من طقوس ومذاهب وطرق، فهذه الطريقة الدرقاوية والبوتشيشية والقادرية ... وغيرها من البدع المضِـلّة التي تكرس مبدأ "فرق تسد"، ليكون كل حزب بما لديهم فرحين، والله ما سمعنا بهذا أبدا.
لم تكتف الدولة بما ذكرناه من لغط وابتداع في الدين والتفاني في نشر الجهل به، بل سمحت لنفسها بالتنظير لدين جديد أعطته اسم "الإسلام المعتدل" الذي يتبنى "شوية لربي شوية لعبدو" شرطا أساسيا لقيامه، دين يحل الحرام ويحرم الحلال، دين لا ضير أن يأتي معتنقه بعمل فاسد ثم يلبس لاحقا ثوب المخلص العابد، فهذه بيرة حلال لأنها لا تحتوي كحولا، والزنا حلال مادام ليس خيانة زوجية، والعمل في الحانات أو البنوك الربوية حلال لأن العمل عبادة، ولا بأس في تفشي الخلاعة والمثلية لأننا دين تسامح،...
صراحة ما يحدث يعجز اللسان عن وصفه، ويصعب على العقل إدراكه أحيانا، اختلط الحابل بالنابل في مجتمع مليء بالتناقضات والانقسامات، ... أضحينا مثل اليهود الذين قال فيهم الله عز وجل في سورة الحشر: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى.
يا رب الطف بنا.
#OussamaHamama
0 comments:
Post a Comment